طاعون الرقص .. من أكثر الحوادث غموضاً عبر التاريخ
ماذا .. ؟ أهناك ما يسمى بطاعون الرقص ؟ وهل يوجد غير الطاعون الأسود المعروف من قديم العصور ؟؟ هيا بنا لنتعرف على طاعون من نوع آخر .. وهو طاعون الرقص.
فى يونيه لعام ١٥١٨م ، خرجت امرأة تسمى ( فراو تروفيا ) .. الى شوارع مدينة (شتراسبورغ) والتى كانت واحدة من مدن الامبراطوريه الرومانية فى هذا الوقت وبدأت تروفيا ترقص بشكل هستيرى ومستمر ،، حتى أُرهقت جداً وإضطرت الى ان ترتاح عدة دقائق ثم قامت لتكمل رقصها مرة اخرى .
وظلت على هذا الحال وقت كبير جداً ، ليس بساعة أو اثنين ، انما لمدة يوم كامل ، تروفيا ظلت ترقص فى الشارع بشكل جنونى جداً لمدة اسبوع تقريباً
وفى خلال هذا الاسبوع ، إنضم الى تروفيا حوالى ثلاثون شخصاً من المدينة ، كلهم يرقصون بشكل حماسى وهستيرى وبدون سبب واضح ، كل يوم تزيد الأعداد للأضعاف و جنون الرقص يزيد أكثر ..
وفى شهر أغسطس وصلت الاعداد الى ربعمائة شخص ولم تفهم السلطات فى المدينة ماذا يحدث لكل هؤلاء !
ثم توفيت تروفيا بعد ستة أيام متواصلة من الرقص من كثرة الإجهاد …. !
حينها الأطباء توقعت ان سبب هذا الرقص هو زيادة الدماء الحارة فى أجسام المرضي واقترحوا أن زيادة الرقص هو العلاج الوحيد لطاعون الرقص ، هو الرقص ليلا ونهاراً ، حتى أنهم نصحوا سلطات المدينة ببناء مسارح وقاعات الرقص .
ولكن كانت النتيجة لهذا العلاج نتيجة عكسية تماماً !! فمات الكثير من الناس بسبب الاجهاد والازمات القلبية والدماغية حتى أن بدأ هذا الهوس يتراجع مع بداية شهر سبتمبر
طاعون الرقص .. وباء أم لعنة !؟
فى ظل هذه المأساة ، سكان المدينة اعتقدوا ان هذا الوباء لعنة من القديس ڤيتوس وأسموه رقصة القديس ڤيتوس
هذا الوباء ليس أسطورة خيالية ، انما هو وباء مسجل فعلاً في الوثائق التاريخية فى القرن السادس عشر باسم طاعون الرقص !
لكن مع بداية القرن العشرون بدأ العلماء يشكوون فى وصف الحركات التى كان يفعلها المرضي بالرقص .. وبدأوا يعتقدون ان طاعون الرقص هو نوع من التشنجات ومشكلة عضلية أو عصبية أو حتى نفسية .
فطر الايرجوت أم تطرفاً دينياً .. إذن ما هو سبب طاعون الرقص ؟
بالرغم ان كل الوثائق التاريخية القديمة وصفت هذه الاحداث بالرقص ! وأحد التفسيرات التى ظهرت فى القرن ال 20 ان المرضى أكلوا خبز مصاب بنوع من الفطريات , اسمه فطر ايرجوت.
الذى يسبب الهلاوس والتشنجات والصرع ! لكن المؤرخ الطبى الأمريكي ( جون والر ) استبعد هذه النظرية.,, لأن مرض الايرجوت يسبب ضعف وصول الدماء الى الاطراف .. وبالتالى استحالة المصاب أن يرقص ! بكل هذه القوة وبكل هذا الإستمرار .
مؤرخ آخر اسمه (روبرت بارثيلوميو) قال أن الراقصين كانوا من إتباع طوائف دينية معينة. وكانوا يمارسون طقوسهم الدينية، لكن جون والر استبعد هذه النظرية تماماً .. وذلك لان الوثائق التاريخية كانت تؤكد ان المرضي وهم يرقصون كان وشوشهم تضج بالخوف والرعب والذعر وعدم الإرتياح .. اختلف الكثيرون فى وضع سبباً محددا لهذا الوباء اللعين. فطاعون الرقص كان حادث مفاجىء لم يستطع أحد ان يتنبأ به على الاطلاق .
الجدرى و الجزام و جنون الرقص !
المؤرخ جون والر فسر طاعون الرقص بانه كان شكل من أشكال الاضطراب الذهنى. وحالة نفسية جماعية ! كان سببها المجاعات والديون والأمراض !! التى انتشرت بين سكان المدينة فى ذاك الوقت .. مثل الجدرى و الجذام و أمراض اخرى كثيرة جداً ..
ويعتقد جون والر ان كل من هذه العوامل القاسية. قد أدت الى حالة من الهيستريا الجماعية والتى كانت سبب فى ظهور طاعون الرقص حتى الموت !
كذلك اتفق مجتمع العلماء والمؤرخين أن تلك النظرية هى الاقرب الى الحقيقة بل الأغرب أن هذا الحدث لم يكن الوحيد من نوعه فى أوروبا .. فانه فى الفترة بين القرن العاشر والقرن السادس عشر ,, ظهر حالات كثيرة مشابهة لطاعون الرقص فى أماكن كثيرة فى أوروبا .. مثل ألمانيا و هولندا و سويسرا ,, ولكن الذى حدث فى مدينة شتراسبورغ فى عام 1518 كان الحدث الأشهر فيما بينهم وذلك لان عدد ضحاياه كان اكبر من أى حدث آخر من نفس النوع ..
بالطبع كانت فترة زمنية مؤلمة جداً على من عاش فيها. ,, ولكن كان من المقدر لهؤلاء الضحايا أن يختبروا طاعون الفقر والاحباط و اليأس و التخبط ,, وهو طاعون الرقص !